عقوباتٌ دوليةٌ ضد الاستيطان.. وهكذا يتحايل المستوطنون عليها

  • September 20, 2024

نشر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، تحقيقًا صحفيًا من إعداد: سليم سلامة، بعنوان: "طرقٌ مختلفةٌ يبتكرها المستوطنون وتنظيماتهم للالتفاف على العقوبات الاقتصادية الأميركية والدولية ضدهم" استنادًا إلى تحقيقٍ صحفيٍّ نشره مركز "شومريم" الإعلامي الإسرائيلي.

وكشف التحقيق عن الطرق والأساليب التي ابتكرها اليمين الإسرائيلي المتطرف للالتفاف على هذه العقوبات، خصوصًا الاقتصادية منها التي أعلنت الإدارة الأميركية فرضَها إلى جانب دولٍ أخرى، على خلفية التصعيد والتكثيف في حجم نطاق وبشاعة الجرائم الفردية والجماعية التي يرتكبها قطعان المستعمرين ضد المواطنين الفلسطينيين في القرى والبلدات في مختلف أنحاء الضفة الغربية.

وأشار التحقيق إلى أن تلك الجرائم دفعت الإدارة الأميركية إلى إعلان أنَّ هذه الاعتداءات "أصبحت تشكل تهديدًا واضحًا على الاستقرار الإقليمي"، بحسب ما ورد في نصّ المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الأميركي، جو بايدن، في شهر شباط/ فبراير الماضي.

وأوضح مدير دائرة السياسات وتطبيق العقوبات الاقتصادية في وزارة الخارجية الأميركية، آرون فورسبرغ، في حديثٍ مع موقع "شومريم"، أنَّ المرسوم الرئاسي المذكور يعني "أننا سنعمل على توسيع العقوبات سعيًا إلى تغيير هذه السلوكيات والممارسات وتقليص دائرة العنف ضد المواطنين المدنيين في الضفة الغربية".

الأضرارٌ الجسيمة المحتملة وطرق التحايُل

يشمل فرض العقوبات الاقتصادية التي يجري الحديث عنها تجميد أية ممتلكاتٍ أو أرصدةٍ ماليةٍ تعود لأفراد أو مجموعات؛ شركات أو جمعيات وما إلى ذلك، تشملها العقوبات، ومنع إبرام أية صفقاتٍ تجاريةٍ أو سواها مع الأفراد أو المجموعات هذه، إضافةً –بالطبع- إلى منع دخول الأشخاص المعنيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية أو الدول الأخرى التي أعلنت فرضها هذه العقوبات. ويعني هذا، فعليًا، منع أية مؤسسةٍ تربطها علاقةٌ، من أي نوعٍ كان، بالمنظومة الاقتصادية والتجارية والمالية في الدولة المعنية، من تقديم أية خدمةٍ تجاريةٍ أو مالية للأفراد والجمعيات المشمولة في العقوبات، ابتداءً من فتح وإدارة حساباتٍ مصرفيةٍ جاريةٍ وانتهاءً بتنظيم حملات "تمويلٍ جماهيريٍّ" لجمع التبرعات. وتشمل هذه المؤسسات جميع البنوك والمؤسسات التجارية المختلفة في "إسرائيل"، التي تربطها علاقات تجاريةٌ ـ مالية متشعبةٌ مع المؤسسات التجارية والمالية في الدول المعنية.

على سبيل المثال، أيُّ بنك تجاريٍّ إسرائيليٍّ يفتح، أو يدير، حسابًا مصرفيًا لشخصٍ أو تنظيمٍ شملته قائمة الأشخاص والتنظيمات المفروضة عليها العقوبات، فإنه يخاطر بأن تُقطع علاقاته التجارية ـ المالية مع المؤسسات التجارية ـ المالية في الدول التي قررت فرض العقوبات، وهو ما يعني سدّ الكثير جدًا من قنوات ووسائل التعامل المصرفي المتاحة أمام البنك إياه، الأمر الذي يعني بالتالي تكبّده أضرارًا وخسائر ماليةً فادحة. وغنيٌّ عن القول، أن البنوك التجارية إجمالًا، والإسرائيلية خصوصًا، ليست مستعدةً لخوض مثل هذه المخاطرات وتحمّل مثل هذه الأضرار والخسائر.

مقترحٌ أمريكيٌّ لتوسيع نطاق العقوبات

في تموز الماضي، نقلت مصادر صحافيةٌ دوليةٌ عن وزارتي الخارجية والمالية الأميركيتين، وهما تحديدًا المسؤولتان عن تنفيذ المرسوم الرئاسي المذكور ومتابعة تطبيقه في داخل الولايات المتحدة وخارجها، أنَّ الإدارة الأميركية تنوي توسيع نطاق العقوبات التي فرضتها على مؤسسات وتنظيمات محسوبة على المستوطنات والمستوطنين في الضفة الغربية، دون أن تُفصح عن هوية تلك المؤسسات والتنظيمات، غير أنّ مركز "شومريم" كشف في حينه، في أواخر تموز الماضي، عن أن وزارة الخارجية الأميركية تدرس إمكانيات فرض العقوبات على كلٍّ من حركة "أَمَاناه"، التي تشكل إحدى الأذرع المركزية في الحركة الاستيطانية في الضفة الغربية وتنشط في مجال إنشاء مستوطناتٍ جديدةٍ وتجنيد مستعمرين جدد، وكذلك على جمعية "ريغافيم" التي تنشط من أجل "فرض السيادة الإسرائيلية على جميع المناطق ما وراء الخط الأخضر".

العقوبات تثير المخاوف لدى الاحتلال

أثارت مسألة فرض هذه العقوبات، ولا تزال، الكثير من المخاوف الكبيرة جدًا لدى المستوطنين وتنظيماتهم المختلفة، ما دفعهم إلى عقد لقاءاتٍ مع رئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرّفة، بنيامين نتنياهو، ووزير ماليته، بتسلئيل سموتريتش، لمطالبتهما بالتحرك الرسمي، على المستويين الحكومي والشخصي، من أجل إلغاء قرارات فرض العقوبات، ولا سيما في الولايات المتحدة الأميركية بشكلٍ خاص. وقد ترافقت تلك اللقاءات مع محاولاتٍ تشريعيةٍ نظمتها وقادتها أحزاب المستوطنين في الكنيست الإسرائيلي سعيًا إلى سن قوانين إسرائيليةً هدفها الالتفاف على قرارات العقوبات لإفراغها من مضمونها وجدواها والقضاء على فرص تطبيقها الفعلي.

لكنّ تلك الاتصالات والمساعي والمحاولات لم تجر بمعزلٍ عن حركة "الميدان"، إذ أنّ "النشاط الميداني" بين المستوطنين أنفسهم وتنظيماتهم المختلفة، في المستوطنات وفي داخل إسرائيل، كان يجري بكل قوةٍ بالتوازي مع تلك اللقاءات والاتصالات والمحاولات، بل كان يسبقها في كثير من الأحيان.. وهذا بالذات ما يكشف عنه تقرير "شومريم" الذي نحن بصدده، والمبني أساسًا على فحص سجلّاتٍ ماليةٍ ومُراسَلات في مجموعاتٍ استيطانيةٍ خاصّةٍ على بعض وسائل التواصل الاجتماعي.

عقوبات أمريكية على حركة "أمر 9" الاستيطانية

 في تموز الأخير، على سبيل المثال لا الحصر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على حركة استيطانية تُدعى "أمر 9"، وعلى اثنين من مؤسسيها، بعد التحقق من قيامها بتشجيع المستوطنين ونشطاء اليمين الإسرائيلي عمومًا على شن وتنفيذ الاعتداءات على شاحنات الإغاثة الإنسانية الدولية المتجهة إلى قطاع غزة. أحد الإثنين المشار إليهما هي مستوطِنة تدعى "رِعوت بن حاييم". وبعد الإعلان عن القرار الأميركي بأيامٍ قليلةٍ فقط، أجرت مُكاتَبةً مع أحد المتبرعين لهذه الحركة الاستيطانية أبلغته خلالها بأن بإمكانه تحويل التبرعات إلى الحركة عَبر زوجها، "سيفي"، الذي لم تُفرَض عليه أية عقوبات، وأضافت أنه "ممنوعٌ ذكر اسمي أنا عند تحويل التبرعات، بل الإشارة إلى أن هذه التبرعات مخصصةٌ لتغطية المصروفات القضائية".

التفافٌ على العقوبات

في إطار محاولاتها العديدة والمتنوعة للالتفاف على العقوبات، نشرت "بن حاييم" في إحدى مجموعات "الواتس آب" المرتبطة بحركة "أمر 9" توجيهاتٍ بشأن الطرق التي يمكن من خلالها دعم الحركة وقادتها. ووفقًا لتلك التوجيهات، فبعد أن يتم تسجيل الداعمين أعضاءً في الحركة، وبعد أن يأخذوا على عاتقهم المبالغ المالية التي ينوون جمعها، يسارعون إلى فتح حساباتٍ على تطبيقاتٍ إلكترونيةٍ للدفع، مثل "بيت" أو "بيبوكس"، من أجل تجنيد متبرعين جدد يقومون بتحويل الأموال إلى تلك الحسابات الجديدة، ومن ثم يتم تحويل ما تجمع من المال في "مكانٍ يتم تحديده لكم لاحقًا"، ولم تشمل تلك التوجيهات أية معلومات أو تفاصيل عن هذا "المكان" أو أيَّ حساب بنكيٍّ أو عن توصيل المبالغ المالية بصورةٍ شخصية.. ومحصلة ذلك كله، الالتفاف على العقوبات الاقتصادية من خلال إنشاء "طبقاتٍ" متعددةٍ تفصل ما بين التنظيم وقادته وبين المتبرعين والداعمين له ولهم.

عقوباتٌ أمريكيةٌ على تنظيماتٍ استيطانية

من بين التنظيمات الاستيطانية الأخرى التي شملتها قرارات العقوبات "صندوق تلال الخليل" و"جمعية شالوم ـ أسيرايخ"، اللذان جنّدا عشرات آلاف الدولارات من التبرعات عبر شبكة الإنترنت "رصداها لمتطرفين مسؤولين عن تدمير ممتلكاتٍ فلسطينية والاعتداء على مواطنين فلسطينيين وممارسة العنف ضدهم"، كما جاء في بيانٍ رسميٍ أصدره نائب وزير المالية الأميركي، فولي آديامو، في نيسان الماضي، وأوضح فيه أسباب فرض العقوبات على هذين التنظيمين. ومن بين هؤلاء "المتطرفين" الذين استفادوا من أموال تلك التبرعات المستوطنان؛ "دافيد حاي حسداي" و"يانون ليفي"، اللذين كانت قد فرضت عليهما عقوبات اقتصاديةٌ شخصية.

بعد وقتٍ قصيرٍ من فرض العقوبات عليه، نقل "ليفي" إلى أحد أشقائه، يدعى "إيتمار"، حصته في شركةٍ مشتركةٍ كانت بملكيتهما المشتركة وسميت "إيال هاري يهودا". ووفقًا لمحضرٍ أودع لدى مسجّل الشركات الإسرائيلي، فقد تم الاتفاق على نقل حصة "يانون" إلى "إيتمار" في شهر أيلول 2023 م، أي قبل أشهرٍ من فرض العقوبات عليه. إلا أنّ التقرير لم يُستَلَم ولم يُسجَّل في وزارة العدل سوى في شهر شباط الأخير، أي بعد أيامٍ قليلةٍ من صدور المرسوم الرئاسي الأمريكي المذكور.

عقوباتُ أميركيةُ على بعض "البؤر الاستيطانية"

شملت العقوبات، الأميركية تحديدًا، بعض "البؤر الاستيطانية" في الضفة الغربية، وأبرزها "حفات مان" في تلال جنوب الخليل، والتي أقامها المستوطن "المشهور" المدعو "يسخار مان" الذي وصفته الولايات المتحدة وفرنسا بأنه "يؤجج التوتر في الضفة الغربية ويسعى إلى الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية". ويربي هذا المستوطن في "بؤرته" هذه قطيعًا من الماعز، يقوم بتأجير الخيام وإمكانيات المبيت في العراء (التخييم) هناك، في مقابل مبالغ ماليةٍ يجبيها من "الزائرين". لكن رغم العقوبات، التي فرضت على هذه البؤرة وصاحبها في تموز الماضي، إلّا أنه يُعلن على الملأ، وفي كل مناسبةٍ وكل مكانٍ ـ كما أكد تقرير "شومريم"ـ أنه "بالإمكان الدفع لنا بواسطة تطبيقاتٍ إلكترونيةٍ للدفع، إسرائيليةٍ وعالمية، إضافة إلى الدفع نقدًا بالطبع"!

تكتيكاتٌ ماليةٌ لتجاوز العقوبات الدولية

أمّا مؤسس منظمة "لهافا" ورئيسها، المستوطن المعروف "بنتسي غوفشتاين"، فقد وجد طريقةً أسهل بكثيرٍ لتجاوز العقوبات التي فرضت على منظمته وعليه شخصيًا، وذلك بأن دعا مؤيديه وداعميه إلى التبرع له بأموالهم خلال الفعاليات الجماهيرية التي تنظمها الحركة في مختلف أنحاء البلاد، وهو ما يحصل فعليًا منذ أشهر، بتأييدٍ مباشرٍ ودعمٍ فاعلٍ من صديق "غوفشتاين" الشخصي، رئيس حزب "عوتسماه يهوديت" وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرّف، إيتمار بن غفير، الذي ندد بالعقوبات وبـ "التنكيل بمنظمة لهافا والمستوطنين الأعزاء الذين لم يشاركوا في يوم من الأيام في أية أنشطةٍ أو أعمالٍ إرهابيةٍ ولم يلحقوا أي أذًى بأي إنسان، بل كل ما يواجهونه لا يتعدى كونه نتيجةً لأكاذيب تروجها ضدهم أوساطٌ معاديةٌ للسامية وكارهةٌ لدولة إسرائيل، وهي الأوساط ذاتها التي تدعم بشكل علنيٍ حركة حماس وحركة فتح ومنظمات فوضوية إسرائيلية تجتهد لتشوّه سمعة الجيش الإسرائيلي وقوى الأمن الإسرائيلية المختلفة".

عقوبات من أمريكا

في كانون الأول/ ديسمبر 2023 م، بدأت الولايات المتحدة فرض عقوباتٍ على "عشرات المستوطنين الإسرائيليين الذين يعتقد أنهم متورطون في هجمات ضد الفلسطينيين"، ومنعتهم من السفر إلى الولايات المتحدة، وفي شباط/ فبراير 2024 م، فرضت الإدارة الأميركية عقوباتٍ على أربعة (4) مستوطنين لارتباطهم بتصاعد العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيانٍ لها أنها "فرضت عقوبات مالية على أربعة أفرادٍ بموجب أمرٍ تنفيذيٍ جديدٍ أعلنه الرئيس جو بايدن لتعزيز المساءلة عن بعض الأنشطة الضارة التي تهدد والأمن والاستقرار في الضفة الغربية." وأشارت إلى أن الأمر التنفيذي يمنح الولايات المتحدة "سلطة إصدار عقوبات مالية ضد أولئك الذين يوجّهون أو يشاركون في أعمالٍ معينة، بما فيها أعمال العنف أو التهديد بها ضد المدنيين، أو ترهيب المدنيين لحملهم على مغادرة منازلهم، أو تدمير الممتلكات أو الاستيلاء عليها، أو الانخراط في نشاطٍ إرهابيٍ في الضفة الغربية". كما أشارت إلى أنه "بالإضافة إلى ذلك، تم تعليق دخول الأفراد المشمولين بالعقوبات إلى الولايات المتحدة بموجب الإعلان الرئاسي".

وتضمن البيان أسماء المستوطنين وتفاصيل الانتهاكات التي على أساسها طالتهم العقوبات، وهم:

  1. دافيد خاي خاسداي: قاد أعمال شغب، شملت إضرام النار في مركبات ومبان، والاعتداء على مدنيين فلسطينيين، وإلحاق أضرار بالممتلكات في حوارة، مما أدى إلى مقتل مدني فلسطيني.
  1. إينان تانجيل: متورط في الاعتداء على مزارعين فلسطينيين ونشطاء إسرائيليين من خلال مهاجمتهم بالحجارة والهراوات، مما أدى إلى إصابتهم بجروح استدعت العلاج الطبي.
  1. شالوم زيخرمان: أظهرت أدلة فيديو مصورة على أنه اعتدى على نشطاء إسرائيليين ومركباتهم في الضفة الغربية وأوقفها في الشارع، وحاول تحطيم نوافذ المركبات المارة وفي داخلها نشطاء. كما قام زيخرمان بمحاصرة اثنين على الأقل من النشطاء وإصابة كليهما.
  1. ينون ليفي: قاد مجموعة من المستوطنين في أعمال خلقت جوًا من الخوف في الضفة الغربية، كما قاد بانتظام مجموعات من المستوطنين من بؤرة "ميتريم" الاستيطانية للاعتداء على المدنيين الفلسطينيين والبدو، وتهديدهم بمزيد من العنف إذا لم يغادروا منازلهم. ووفقا لبيان الخارجية الأمريكية، أحرق ليفي حقول المزارعين الفلسطينيين ودمر ممتلكاتهم.

وفي السياق، نوهت الوزارة الأمريكية إلى أنه "نتيجةً لإجراءات المتخذة (ضد المستوطنين) فإن جميع ممتلكات ومصالح الأشخاص المدرجين أعلاه والموجودة في الولايات المتحدة أو التي يملكها أو يسيطر عليها أشخاص أمريكيون محظورةٌ ويجب الإبلاغ عنها إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة".

وتابعت: "كما حظر جميع المعاملات التي يجريها أشخاص أمريكيون أو داخل (أو عبر) الولايات المتحدة والتي تنطوي على أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات أشخاص مصنفين أو محظورين ما لم يتم التصريح بها بموجب ترخيص عام أو محدد صادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) أو الإعفاء من الحظر".

وأردفت: "تشمل هذه المحظورات تقديم أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من قبل أي شخص محظور أو إليه أو لصالحه، أو تلقي أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من أي شخص من هذا القبيل".

فيما فرضت الولايات المتحدة الأميركية، في آذار 2024، عقوبات على بؤرتين استيطانية في الضفة الغربية، وهما: بؤرة "مزرعة موشيه" الاستيطانية المقامة على أراضي المواطنين في الأغوار الوسطى، وبؤرة "مزرعة زفيس" الاستيطانية بالقرب من مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي المواطنين في قريتي دير نظام والنبي صالح شمال غرب رام الله، إضافة لـ3 مستوطنين إسرائيليين.

أمريكا وعقوبات على وزراء إسرائيليين

ذكر موقع "أكسيوس" أن مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض ناقش في اجتماع له خلال شهر تموز، إمكانيّة فرض عقوبات على وزيرين إسرائيليّين متشدّدين من الحكومة الحاليةأتي ذلك ردا على الوضع الأمني المتدهور في الضفة الغربية، حسبما ذكره ثلاثة مسؤولين أمريكيين لموقع أكسيوس. إذ تشعر إدارة بايدن بالإحباط الشديد لأن الحكومة الإسرائيلية اتبعت سياسة توسيع المستوطنات، المتعارضة مع القانون الدولي، وإضعاف السلطة الفلسطينية، خاصّة وأنّ أعضاء الحكومة الأكثر تطرّفًا متحالفون علنًا مع جماعات المستوطنين المتطرّفين.

وعُقد اجتماع البيت الأبيض بعد تصعيد جديد للعنف للمتطرّفين المستوطنين ضد الفلسطينيين. إلى جانب قرار الحكومة الإسرائيلية بتخطيط بناء 5000 وحدة سكنية أخرى في المستوطنات وإضفاء الشرعية على خمس بؤر استيطانية.

وكانت محكمة العدل الدولية قد ذكرت في رأي غير ملزم، نُشر يوم الجمعة، أنّ إسرائيل ضمت من خلال المستوطنات أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية بشكل غير قانوني.

وفي الكواليس، أوصى كبار المسؤولين في البيت الأبيض، حينها الرئيس، بفرض عقوبات على وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، المتطرّفين.

لكنّ بايدن رفض هذا الاقتراح على أساس أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تفرض عقوبات على المسؤولين المنتخبين في الدول الديمقراطية، وفقًا لمسؤول أمريكي رفيع المستوى.

وقال المسؤولون إن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، جاك ليو، اقترح التعامل مع سموتريتش على أمل تغيير سلوكه، بدلاً من مقاطعته. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد فوّض معظم الصلاحيات في الضفة الغربية إلى سموتريتش، الذي تمنحه حقيبته سلطة واسعة النطاق على بناء المستوطنات.

وتعهّد سموتريتش، وهو نفسه مستوطنا، علنًا بجعل حل الدولتين مستحيلًا، متّخذا العديد من الإجراءات لتوسيع المستوطنات وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية وإضعاف السلطة الفلسطينية اقتصاديًا ودعم المستوطنين الذين يهاجمون الفلسطينيين.

وقال المسؤولون الثلاثة لأكسيوس، إنّ جميع المشاركين في الاجتماع أيّدوا اقتراحًا آخر. وهو إلغاء سياسة إدارة ترامب في وسم المنتجات من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية على أنها "صُنعت في إسرائيل".

وأضاف المسؤولون الأمريكيّون، أن هناك خيارًا آخر قيد المناقشة وهو توسيع العقوبات الأمريكية على مجموعات المستوطنين لتشمل المنظمات غير الحكومية والكيانات المشاركة في بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية.

وكان هذا الاجتماع مخصّصا لمناقشة الخيارات وليس لاتخاذ قرارات بما في ذلك بشأن العقوبات المحتملة على سموتريتش وبن غفير، التي يجب أن يتخذها بايدن، حسبما أدلى به المسؤولون الأمريكيون لأكسيوس.

عقوبات من الاتحاد الأوروبي

كما فرض مجلس الاتحاد الأوروبي قد قرر في إبريل 2024، عقوبات على 4 مستوطنين، وجماعتين إسرائيليتين متطرفتين، بسبب اعتداءاتهم على المواطنين في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة.

كما أعلن الاتحاد الأوروبي، في تموز 2024، فرض عقوبات على 5 مستوطنين "متطرفين" وثلاث منظمات إسرائيلية بسبب انتهاكات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ونصت العقوبات على تجميد الأصول، وحظر منح التأشيرات إياهم. وهي الرزمة الثانية من العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، وتستهدف المستوطنين الإسرائيليين الذين يمارسون العنف، ليرتفع إجمالي عدد المشمولين بها إلى 14.

ومن أبرز المستوطنين الذين أدرجهم الاتحاد في القائمة السوداء: موشيه شارفيت، وتسفي بار يوسف، وباروخ مارزل، وإيسخار ماني.

وأوضح بيان الاتحاد الأوروبي أن "الأفراد والكيانات المدرجة في القائمة مسؤولون عن انتهاكات خطيرة وممنهجة لحقوق الإنسان ضد فلسطينيين في الضفة الغربية".

كما فُرضت عقوبات على منظمة "تساف 9" الإسرائيلية بسبب "منعها بانتظام دخول شاحنات المساعدات الإنسانية التي تنقل الأغذية والمياه والوقود إلى غزة" عن طريق العنف.

الاتحاد الأوروبي وعقوبات على وزراء إسرائيليين

في آب/ أغسطس 2024 م، كشف المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، أن فرقًا متخصصة دخل التكتل تعكف في الوقت الراهن بشكل رسمي، على مراجعة مقترحات مسؤول السياسة الخارجية، جوزيب بوريل، بشأن إمكانية التوجه نحو فرض عقوبات على بعض الوزراء الإسرائيليين بتهم نشر "رسائل كراهية غير مقبولة ضد الفلسطينيين"، في إشارة إلى وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، اللذين ينتميان إلى اليمين المتطرف، وفق دبلوماسيين.

وعن طبيعة هذه العقوبات، أكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن الأشخاص المدرجين في نظام العقوبات يخضعون لتجميد الأصول، ويُحظر تقديم الأموال أو الموارد الاقتصادية، بشكل مباشر أو غير مباشر، لهم أو لمنفعتهم، بالإضافة إلى ذلك، يُطبق حظر سفر إلى الاتحاد الأوروبي على الأشخاص الطبيعيين المدرجين.

عقوبات من بريطانيا

في أيار/ مايو 2025 م، أعلنت بريطانيا، فرض عقوبات على مجموعتين استيطانيتين و4 مستوطنين، نفذوا اعتداءات على المواطنين بالضفة المحتلة. وقالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان لها، إن "حزمة اليوم تتضمن مجموعتين معروفتين بدعمهما وتحريضهما وتشجيعهما على العنف ضد المجتمعات الفلسطينية في الضفة، بالإضافة إلى 4 أفراد مسؤولين عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضد هذه المجتمعات". وتابعت "تأتي هذه الإجراءات عقب ارتفاع غير مسبوق في عنف المستوطنين بالضفة الغربية خلال العام الماضي، حيث سجلت الأمم المتحدة ما يقرب من 800 حادثة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إن حزمة العقوبات الإضافية تستهدف أولئك الذين يحرضون ويرتكبون عنفا ضد المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية".

وذكرت أن العقوبات تشمل مجموعة "هيلتوب يوث" (شبان التلال)، وقالت إنها "مجموعة شبابية إسرائيلية قومية متشددة تنشئ مواقع استيطانية غير قانونية في جميع أنحاء الضفة الغربية، مع مهمتها المعلنة المتمثلة في طرد جميع الفلسطينيين من الأراضي المحتلة"، كما تم فرض عقوبات على مجموعة (ليهافا)، لقيامها بتسهيل وتحريض وتشجيع العنف ضد المجتمعات العربية والفلسطينية.

أما المستوطنون الذين شملهم القرار، فهم: نوعام فيدرمان، الزعيم السابق لحركة كاخ المناهضة للعرب (المحظورة) بسبب "حثه مجموعات من المستوطنين على ارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين". وكانت لندن فرضت في فبراير عقوبات على نجله إيلي فيدرمان.

والأشخاص الثلاثة الآخرون المشمولون بالعقوبات هم: إيدن ليفي ونيريا بن بازي لمشاركتهما في هجمات وعمليات ترهيب بحق فلسطينيين، وإليشا يارد "المتحدث غير الرسمي باسم مجموعة هيلتوب يوث".

وهذه هي الدفعة الثانية من العقوبات التي تشمل "قيودا مالية على الجهات والأفراد، وقيودا على سفر الأفراد"، بعد أن تم الإعلان عن الدفعة الأولى في فبراير/شباط 2024، وشملت 4 مستوطنين.

عقوبات من فرنسا

أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنها فرضت عقوبات على "28 مستوطنا إسرائيليا متطرفا" ارتكبوا "أعمال عنف في حق مدنيين فلسطينيين" بالضفة الغربية المحتلة.

وقالت الوزارة في بيان إن الأشخاص الـ28 "صدر في حقهم منع إداري بأن يكونوا موجودين على الأراضي الفرنسية"، مشددة على أنها تعمل على "إقرار عقوبات على المستوى الأوروبي" على المستوطنين الذين يرتكبون أعمال عنف"، لكن البيان لم يذكر أسماء هؤلاء المستوطنين.

 

وأضافت الوزارة في بيانها "تأتي هذه الإجراءات مع تزايد أعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون ضد السكان الفلسطينيين في الأشهر القليلة الماضية، وتؤكد فرنسا مجددا إدانتها الشديدة لهذا العنف غير المقبول، وكما قلنا في مناسبات عدة تقع على السلطات الإسرائيلية مسؤولية وضع حد له ومحاكمة مرتكبيه".

وأضافت الخارجية الفرنسية أن "الاستيطان غير قانوني بموجب القانون الدولي، ويجب أن يتوقف، استمراره لا يتوافق مع إنشاء دولة فلسطينية لها مقومات البقاء".

عقوبات من كندا

وفي أيار/ مايو 2024 م، فرضت كندا، عقوبات على 4 مستوطنين شاركوا في تنفيذ اعتداءات ضد المواطنين في الضفة الغربية.

وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي في البيان "تصاعد أعمال العنف من مستوطنين إسرائيليين متطرفين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية يثير قلقاً شديداً ويشكل مخاطر كبيرة على الأمن في المنطقة".

وأضافت "بهذه الإجراءات، ننقل رسالة واضحة مفادها أن أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون المتطرفون غير مقبولة وأن مرتكبي مثل هذا العنف سيواجهون عواقب".

وفي شهر حزيران/ يونيو 2024 م،  أعلنت كندا، أنها فرضت عقوبات جديدة على 7 أفراد و5 كيانات لدورهم في تسهيل أو دعم أو المساهمة ماليا في أعمال عنف يقوم بها مستوطنون إسرائيليون متطرفون ضد ضد مدنيين فلسطينيين وممتلكاتهم بالضفة الغربية المحتلة.

وقالت وزارة الخارجية الكندية، في بيان أن "عنف المستوطنين المتطرفين أدى إلى خسائر في الأرواح وأضرار في الممتلكات الفلسطينية والأراضي الزراعية". وأن "الهجمات التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون، وهم مصدر طويل الأمد للتوتر والصراع في المنطقة، تقوض حقوق الإنسان للفلسطينيين، وتشكل مخاطر كبيرة على الأمن الإقليمي".

وقالت الوزارة إن "الأفراد السبعة الذين تستهدفهم العقوبات هم: بن تسيون غوبشتاين، ودانييلا فايس، وعينان بن نير عمرام تنجيل، وإليشا ييريد، وإيلي فيدرمان، ومئير مردخاي إتنغر، وشالوم زيترمان". والكيانات الخمسة هي أمانة، وشباب التلال، وليهافا، ومزرعة موشيه، ومزرعة تسفي.

وأشار البيان، إلى أن "كندا تواصل معارضتها توسيع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي ملتزمة بالسلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط".

ودعت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، السلطات الإسرائيلية إلى "ضمان حماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي أعمال العنف"، وفق البيان نفسه. وأضافت جولي: "ما زلنا نشعر بقلق عميق إزاء عنف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية وندين مثل هذه الأعمال، ليس فقط بسبب تأثيرها الكبير على حياة الفلسطينيين، ولكن أيضًا بسبب تأثيرها المدمر على آفاق السلام الدائم".

عقوبات من اليابان

في تموز/ يوليو 2024 م، اتخذت اليابان ترتيبات لفرض أولى عقوباتها لتجميد أصول مستوطنين إسرائيليين هم: يانون ليفي، وتسفي بار يوسف، وموشيه شارفيت، وناريا بن بازي.

وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيماسا هاياشي إن اليابان فرضت عقوبات تجميد أصول 4 مستوطنين إسرائيليين لضلوعهم في أعمال عنف ضد فلسطينيين في الضفة الغربية. وأضاف أن أعمال العنف التي يقوم بها بعض المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية تزايدت بشكل كبير منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 م.

وأوضح أنه في ظل هذا الوضع، ومع الأخذ في الاعتبار الخطوات التي اتخذتها دول مجموعة السبع وغيرها، قررت اليابان تصنيف المستوطنين الإسرائيليين الأربعة المتورطين في أعمال العنف أهدافاً لتجميد الأصول. وقال هاياشي: "ستنفذ اليابان بانتظام إجراءات تجميد الأصول هذه، وستواصل حث الحكومة الإسرائيلية بقوة على التجميد الكامل للأنشطة الاستيطانية بالتعاون مع المجتمع الدولي، بما في ذلك مجموعة السبع".

عقوبات من أستراليا

في تموز/ يوليو 2024 م، فرضت أستراليا، عقوبات مالية وحظر سفر على 7 مستوطنين ومجموعة "شبيبة التلال" الاستيطانية، قالت إنهم متورطون في أعمال عنف ضد فلسطينيين في الضفة الغربية.

وأفادت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ في بيان لها بأن الحركة كانت مسؤولة عن التحريض على العنف وارتكابه ضد الفلسطينيين، في حين تورط المستوطنون في "هجمات عنيفة على فلسطينيين" تتضمن "الضرب والاعتداء الجنسي والتعذيب"، مما أسفر عن إصابات خطيرة وفي بعض الحالات الوفاة.

وقالت وونغ إن أستراليا تدعو "إسرائيل" إلى محاسبة مرتكبي أعمال العنف من المستوطنين، ووقف النشاط الاستيطاني المستمر. وأشارت إلى أن أستراليا "كانت حازمة وثابتة بأن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير قانونية بموجب القانون الدولي".

والمستوطنون الذين شملتهم العقوبات هم: ينون ليفي، تسفي بار يوسف، نيريا بن باتزي، إليشاع فيرد، ديفيد تشاي حسادي، إينان تانجيل ومئير إتينغر، وفق بيان وزارة الخارجية.

عقوبات من بلجيكا

في كانون الأول/ ديسمبر 2023 م، قال رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، إن حكومته ستمنع المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين القاطنين في الضفة الغربية من دخول أراضيها.

عقوبات من إسبانيا

في شباط/ فبراير 2024 م، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده ستفرض من جانب واحد عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يمارسون العنف في الضفة الغربية إذا لم تتوصل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق حول هذا الأمر.

وأضاف ألباريس أن إسبانيا ستضغط من أجل الموافقة على مثل هذه العقوبات خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي سيعقد في بروكسل اليوم الاثنين. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستمضي إسبانيا بشكل فردي في فرض هذه العقوبات على المستوطنين الذين يمارسون العنف".

وفي آذار/ مارس 2024 م، أعلنت إسبانيا أنها بدأت بتنفيذ عقوبات على مجموعة أولى تضم 12 مستوطنًا إسرائيليًا بسبب اعتداءاتهم على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

وقال وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس، في كلمة أمام اللجنة المشتركة لمجلس النواب الإسباني، إن الحكومة بدأت بفرض عقوبات على "مجموعة أولى تضم 12 مستوطنًا عنيفًا".